الصحة الجيدة

يعتبر وجود الجذور الحرة داخل جسم الإنسان واحدًا من أكبر العقبات أمام الصحة الجيدة، والجذور الحرة عبارة عن ذرة أو مجموعة ذرية تحتوي على إلكترونات مفردة،
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

وقد سجلت الدراسات الطبية أكثر من 120سببًا تؤدي إلى تكوين الجذور الحرة، يأتي في مقدمتها المسببات البيئية مثل: الأشعة المؤينة، والتعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة، والتلوث البيئي والوجبات عالية الدهون، والإجهاد، كذلك العمليات الحيوية الطبيعية التي تحدث داخل جسم الإنسان، ووجود العناصر الانتقالية مثل: الحديد، والنحاس تؤدي إلى تكوين الجذور الحرة فيما يعرف بتفاعلات فينتون Fenton's reactions. ، والخطر الرئيس الناتج عن الجذور الحرة يكمن فى التلف الناتج عن تفاعلها مع أهم مكونات الخلية وهو الحامض النووي DNA، أو مع جدار الخلية ما يؤدي إلى تدميرها وعدم قدرتها على القيام بوظائفها بالشكل المطلوب.
وتؤدي الجذور الحرة دورًا كبيرًا في حالات الإصابة بالأمراض في الإنسان مثل: مسببات السرطانات، والشيخوخة، و بعض أمراض العيون، والأمراض النفسية والعصبية، وقد ربط الأطباء لفترة طويلة بين الفلزات المسببة للجذور الحرة والتغيرات الليفية مثل ما يحدث في مرض ويلسون Wilson's disease ، وتليف الكبد، وأمراض الدم. وبالرغم من صعوبة قياس الجذور الحرة والصيغ الأكسجينية النشطة تحت الظروف البيولوجية فإن هناك أدلة مستنبطة على أنها متضمنة في الكثير من الميكانيكيات الأساسية في العديد من الأمراض ومسبباتها.
الصيغ الأكسجينية النشطة والتسمم الأكسجيني:
كما أن الأكسجين ضروري للحياة فهو في الوقت نفسه يمكن أن يكون سامًا والتركيب الإلكتروني للأكسجين الجزيئي هو المسؤول عن هذا التناقض لأنه يفضــل اختزال الأكسجين بإلكتــرون واحـد على خطوات، ما يؤدي إلى توليد جذور الأكسجين الحرة والصيغ الأكسجينية النشطة Reactive Oxygen Species (ROS) والتي تتمثل في السـوبر أكسيد وجذور الهيـــدروكسيل (الصيغ الأكسجينية المختزلة جزئيًا) وفوق أكسيد الهيدروجينH2O2 . ومن المحتمل أن تكون جذور الهيدروكسيل هي الأكثر تأثيرًا بين الصيغ الأخرى النشطة ROS والبادئة لسلسلة التفاعلات المكونة لبيروكسيديز الدهون Lipid peroxidase والجذور العضوية. وبالرغم من أن فوق أكسيد الهيدروجين ليس جذرًا حرًا وإنما عامل مؤكسد فإنه في وجود أيون الحديد الثنائي أو أي عنصر انتقالي آخر يولد جذور الهيدروكسيل عن طريق تفاعل فينتون.

ولأن فوق أكسيد الهيدروجين يذوب في الدهون فمن الممكن أن يسبب تلفًا في الأغشية المحتوية على أيون الحديد الثنائي بعيدًا عن موقع تولده. وأنيون السوبر أكسيد الذي يمكن أن ينتج عن اختزال الأكسجين الجزيئي بإلكترون من جذر حر آخر نشط جدًا، ولكن ذوبانيته في الدهون محدودة وليس له القدرة على الانتقال من موقع تولده إلى موقع آخر، ويستطيع السوبر أكسيد أن ينتج المزيد من جذور الهيدروكسيل النشط بالتفاعل مع فوق أكسيد الهيدروجين فيما يعرف بتفاعل.Weiss - Haber :
وقد كان يعتقد أن التسمم الأكسجيني المحتمل الحدوث راجع إلى تكوين فوق أكسيد الهيدروجين. وحديثًا ولسهولة اختزال الأكسجين في الأنسجة إلى جذور أنيون السوبر أكسيد ووجود أنزيم السوبر أكسيد ديسميوتيز Superoxide dismutase (SOD) إفترض أن التسمم الأكسجيني راجع إلى السوبر أكسيد، وتعتبر الأكسدة الذاتية للدهون المعرضة للأكسجين مسؤولة ليس عن فساد الدهون المعروف باسم التزنخRancidity فقط، ولكن عن تلف الأنسجة داخل جسم الإنسان، حيث من المحتمل أنها تسبب الأمراض الالتهابية وتصلب الشرايين والشيخوخة المبكرة. وهذه التأثيرات الضارة ترجع أسبابها لتكوين جذور حرة من التي تنتج في أثناء تكوين البيروكسيدات من الأحماض الدهنية.
الأنظمة الدفاعية ضد الجذور الحرة والصيغ الأكسجينية النشطة:
{وفى أنفسكم أفلا تبصرون} آية (21) الذاريات.
يتمثل الدفاع داخل جسم الإنسان ضد الجذور الحرة والصيغ النشطة في الدفاعات الأنزيمية والدفاعات الصلبة إضافة إلى مضادات الأكسدة.
الدفاع الأنزيمي: ويتمثل في أنزيم السوبر أكسيد ديسميوتيز SOD ، وأنزيم الكتاليز Catalase، ونظام جلوتاثيون بيرأكسيديز ريدكتيز Glutathion peroxidase reductase ، ويؤدي الدفاع الأنزيمي دورًا كبيرًا في وقاية خلايا الدم من التأثير المتلف للجذور الحرة، ويقوم أنزيم السوبر أكسيد ديسميوتيز بتحليل السوبر أكسيد إلى أكسجين جزيئي (آمن على الخلايا) وفوق أكسيد الهيدروجين (صيغة نشطة)، ويتحول فوق أكسيد الهيدروجين المتكون بفعل أنزيم الكتاليز إلى ماء و أكسجين جزيئي (صور آمنة)، و أنزيم الجلوتاثيون بيرأكسيديز المحتوي على سلينيوم يعمل على الصورة المختزلة للجلوتاثيونGSH وفوق أكسيد الهيدروجين ويعطي الصورة المؤكسدة لجلوتاثيون وماء .
دفاعات الحالة الصلبة: عبارة عن جزيئات كبيرة الحجم تربط المركبات المسببة للجذور الحرة فتثبط الصور النشطة، وتوقف عمل الجذور الحرة. وأكثر دفاعات الحالة الصلبة أهمية هي الصبغة السوداء المعروفة باسم الميلانينMelanin ، والتي ترجع أهميتها إلى أنها أول جذور حرة مستقرة عرفت في الأنظمة البيولوجية تثبط الحالات المثارة وترتبط بالعوامل المكونة للجذور مثل أيونات العناصر الانتقالية، بمعنى آخر أن لها القدرة على ربط العوامل المكونة للجذور الحرة والميلانينات، تعمل بكفاءة كأنزيم SOD . ومن المحتمل أن يكون الميلانين أقدم نظام دفاعي ضد جذور الأكسجين الحرة، ومن الوظائف البيولوجية والفيزيائية للميلانين أن الميلانينات السوداء تعمل كواق من الأشعة فوق البنفسجية؛
لأن كثيرًا من الطاقة الضوئية الآتية من الضوء أو بعض الصيغ النشطة كيميائياً تمتص عن طريق الميلانين وتتحول إلى حرارة، وهذا يفسر وجودها في المناطق الموصلة للطاقة مثل: الجلد وشبكية العين. وعلى العكس يعتبر الميلانين من أفضل المواد الممتصة للصوت المعروفة، وهذا يفسر وجودها كأجهزة واقية في الأذن الداخلية، كما أن لها القدرة على العمل كمفاتيح توصيل للإلكترونات، وتستطيع أن تختزن الطاقة الإلكترونية مثل البطاريات، وهذا يفسر احتمال وجودها في الأنسجة النشطة إلكترونيًا مثل المادة السوداء Substantia nigra الموجودة في الأعصاب، وإن كانت وظيفة الميلانين في الأعصاب غير معروفة على وجه التحديد مما دفع العالم G.C..Cotzias إلى أن يقول «لا أعتقد أن الله قد وضع حبيبات الميلانين في الجهاز العصبي المركزى عبثًا ولا بد أنها تفعل شيئًا وشيئًا كبيرًا».
مضادات الأكسدة: عند قطع تفاحة وتركها معرضة للهواء فإنها تتحول إلى اللون البني، وصدأ الحديد وتشقق المطاط وتلف الأغذية أمثلة شائعة لعمليات الأكسدة الطبيعية، كذلك داخل الجسم تحدث عمليات أكسدة نتيجة لتكسير الجزيئات. وتنظر العلوم الطبية إلى عمليات الأكسدة على أنها السبب الابتدائي للشيخوخة، وأفضل دفاع ضد عمليات الأكسدة هو معادلة ومنع التأثيرات الضارة للجذور الحرة باستخدام مضادات الأكسدة التي قد تكون صناعية في صورة مضافات غذائية للسيطرة على عمليات الأكسدة الذاتية للدهون مثل جالات البروبيل وبيوتيلاتدهيدروكسي أنيزول BHA ، وبيوتيلاتدهيدروكسي طولوينBHT ، وتعتبر مضادات الأكسدة الكيميائية سلاحًا ذا حدين فهي تنهي الجذور الحرة وتتحول هي إلى جذور حرة نشطة.
مضادات الأكسدة الطبيعية تشتمل على البيتا كاروتين وفيتامينات E و C التي عرفت منذ فترة طويلة على أنها من أشهر مضادات الأكسدة، والبيتا كاروتين هي مولد لفيتامينA ، وتوجد فى الفواكه والخضراوات ذات اللون الأحمر وخصوصًا الجزر والفلفل والطماطم ، ويوجد فيتامين E في حبوب القمح والزيوت النباتية مثل: زيوت دوار الشمس، وفول الصويا، وبذرة القطن ،وفي الخضراوات كالخس والكرنب ويحتاج الجسم منه10مجم يوميًا، ويعتبر فيتامينE هو خط الدفاع الأول من مضادات الأكسدة الطبيعية ضد الجذور الحرة الناتجة عن أكسدة الدهون، أما فيتامينC فهو يوجد فى الفاكهة والخضراوات الطازجة ويحتاج الجسم منه إلى60مجم يوميًا، وقد أثبتت الدراسات وجود علاقة عكسية بين حدوث أمراض الأوعية القلبية وحالة فيتامينات E وC داخل الجسم. وأفضل دفاع ضد التأثير الضار للجذور الحرة هو إمداد ثابت من مضادات الأكسدة الطبيعية الموجودة في المواد الغذائية عن طريق الأطعمة الصحية، حيث توجد في الخضراوات والفاكهة مركبات عضوية نباتية معقدة تعرف بالفلافونيدات الحيوية Bioflavenoids تتغلب على الجذور الحرة وتكون حاجزًا واقيًا مع مضادات الأكسدة الأخرى، وأفضل مصادر الفلافونيدات الحيوية العنب والأناناس ومستخلص قشر الحمضيات مثل: البرتقال والليمون وهي أهم وأكثر مضادات الأكسدة المعروفة فاعلية.
لذلك ومن أجل حياة خالية من الآلام لابد من التقليل من التأثيرات المؤدية إلى تكوين الجذور الحرة.

دمتن بصحة وعافية

مشكورة